عقدت كلية الإدارة الصناعية للنفط والغاز في جامعة البصرة للنفط والغاز ندوة اقتصادية بعنوان (سياسات تخفيض سعر الصرف : الدوافع والاثار الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة في العراق) قدمها السيد عميد كلية الادارة الصناعية للنفط والغاز الاستاذ المساعد الدكتور سامي هاشم الساعدي وادار الندوة المعاون الاداري الدكتور نصيف جاسم العبادي وذلك يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من كانون الاول وعلى قاعة المؤتمرات المركزية في الكلية. وتناول الباحث السمات العامة للاقتصاد العراقي الحديث والذي يعاني من اختلالات هيكلية عميقة في تكوينه ، تتلخص باعتماده على النفط كمصدر وحيد تقريباً في تكوين الناتج المحلي الاجمالي ، مع غياب دور القطاعات الاقتصادية الاخرى مثل الصناعة والزراعة بالمجمل ، وانكشاف البلد اقتصادياً تجاه العالم الخارجي وهذا مؤشر بشكل اوضح في اختلال الميزان التجاري السلعي وغيرها من العوامل الرئيسة، والتي سببت ازمة معقدة تتشابك اطرافها ، ومن اهم نتائجها ازمة مالية خانقة واعتماد الحكومات المتعاقبة على الايرادات النفطية فقط في الغالب لتسيير شؤون الاقتصاد الكلي دون العمل على تنويع قاعدة الاقتصاد وكذلك ضعف القطاع الخاص الفاعل ورواد الاعمال وسوء المناخ الاستثماري ، وكذلك الركود الاقتصادي الذي يعد اهم سمات الاقتصاد العراقي الحالي وضياع نسبة كبيرة من الثروة المنتجة النفطية على مدى السنوات الماضية،واستعرض الساعدي الى نتائج تخفيض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الاجنبية والتي ترتبط بعدة عوامل ومنها حالة القطاع الخارجي وتاثير التخفيض على اسعار المستهلك وتاثير التخفيض على زيادة النمو الاقتصادي والتجارة وتاثير التخفيض على الفئات الاجتماعية التي تعتمد الدعم الحكومي وتاثير التخفيض على الثقة بالعملة المحلية وتاثير التخفيض على الموازنة العامة للدولة ، كما اوضح المحاضر بان تاثير تخفيض قيمة العملة في اسعار المستهلك يعتمد على نسبة الاستيرادات من الاستهلاك المحلي فكلما زادت هذه النسبة يكون اثر التخفيض اكبر ، مما يولد ضغوط تضخمية بانتاجه ارتفاع الاسعار بشكل عام ، كما هو في الحال في العراق اذ يعاني من محدودية الانتاج المحلي ونقص التنوع والاعتماد بشكل اساس على الاستيرادات ، وكذلك على مدى توفر المنتجات المحلية اذ ينخفض اثر تخفيض العملة كلما توفرت بدائل محلية للمنتجات التي تعوض المستورد، ونوه الساعدي الى ان مستوى تخفيض العملة اذا كان كبيرا فانه سيؤدي الى ارتفاع نسبة التضخم بشكل كبير ولاسيما اذا كانت العوامل الاخرى لا تساعد على كبح التضخم ، وفي ختام الندوة تطرق الساعدي الى ابرز التاثيرات التي ستحدثها عملية تخفيض العملة على الفئات الاجتماعية التي تعتمد على الحكومة ، فان التخفيض سيقلل القدرة الشرائية لدى الفئات الواسعة من محدودي الدخل ، ويؤدي التخفيض لزيادة نفقات الحكومة للدعم عبر نظام التوزيع العام او ما يطلق عليه البطاقة التموينية وهذا ما سيؤي الى عدة اثار سلبية ومنها انخفاض الدخل الحقيقي للموظفين وانخفاض الانتاج المحلي من السلع والخدمات نظرا لكون مجمل المواد الاولية هي مواد مستوردة وكذلك انخفاض التوظيف في الامد القصير نتيجة اغلاق الكثير من المصانع والمحال التجارية وعدم استقرار سعر الصرف المحلي، وشهدت الندوة مداخلات من المختصين والاكاديميين والذين عبروا عن خطورة الموقف واهمية وضع معالجات فورية من قبل الجهات المختصة.